أين ملعب بن براهيم ببوركون ؟ وما البديل ؟
لايخلو أي حي كبير اليوم بمدينة الدار البيضاء من إستاد رياضي، بل أن مباني الملاعب الرياضية أصبحت عنصراً هاماً من عناصر الفضاء العام في المدينة. لقد صاحب تاريخ بناء الملاعب الرياضية تطور النشاط الرياضي للإنسان، وعبر الحضارات العالمية المتعاقبة كانت الرياضة محل اهتمام الشعوب حتى بلغ ذلك حد تقديس النشاط الرياضي وسموه على الأنشطة الترفيهية الأخرى.تبدأ قصة الإستاد الرياضي منذ الحضارات الأولى (الإغريقية على وجه التحديد) ففي البداية كانت التجهيزات الرياضية غير مؤثرة من الناحية المعمارية ، إلا أنه مع تطور النشاط الرياضي تحولت عمارة الإستادات الرياضية من مجرد تجهيزات بسيطة تصاحب النشاط الرياضي (ميول في سفح الجبل يمكن أن تكون مدرجات.. إلخ ) إلى معالم معمارية هامة ورموز اجتماعية وسياسية مؤثرة.يعتبر الإستاد الرياضي نتاجاً غربياً خالصاً، انتشر بعد ذلك في العصر الحديث مع تأثير الثقافة الغربية على العالم وأصبحت الدول تتنافس فيما بينها على بناء الإستادات الرياضية واستقبال المنافسات العالمية فيها (الألعاب الأولمبية في كأس العالم لكرة القدم .. إلخ) . لقد تحول الهدف الأساس للإستاد الرياضي من كونه مكان لممارسة النشاط الرياضي ذي الهدف الإنساني إلى مكان لتنافس المدن والدول فيما بينها. ومن الملاحظ أن دور الإستاد يتنامى يوماً بعد يوم ويتسع بنائه نتيجة للتحسينات التي يتم إدخالها على الأبنية الرياضية التي تؤدي إلى زيادة إقبال الجمهور على ارتياده.نسلط الضوء في هذا المقال على تاريخ بناء الإستادات الرياضية في العالم وتطورها ودورها عبر التاريخ.تحليل عمارة الإستاد يحتاج إلى الكثير من البحث لإنه كعمارة يعتبر مكان مختلف ، ويمكن التعرف عليه بسهولة من هيئته، فالأبنية الأخرى (المستشفى، السجن، الفندق) لا تشبهه، وهو بناء ذو وظيفة واحدة مثل هذه الأمثلة. وظيفة الإستاد هي توفير مكان للالتقاء والمنافسة والعرض للفعاليات الرياضية، أي لايمكن فصل المشروع المعماري للإستاد ( ضرورة الرؤية الكاملة والعزل الصوتي) عن ما يجري من نشاط داخله وهو النشاط الرياضي .الإستاد هو عمل معماري، وهو هيكل فراغي، بمعنى إنه مركب من مواد تنبع من منطلق يطور من خلال أبعاد سياسية واجتماعية غير مرئية ولكنها حاضرة في الأذهان. الرياضة تقوم على أساس قواعد وكودات تطورت مع الزمن لتساعد على تحقيق المنافسة.لذلك تعتبر الرياضة ـ قبل كل شئ ـ أحد أهم المؤسسات العالمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المنظمة بشكل عميق لطبقات المجتمع.تقع الرياضة في مكان وسطي من المؤسسات الإنسانية ( مثل المدرسة أو الجيش أو الدين) وهي قريبة من هذه المؤسسات التي تعطيها هيبتها ، كما أنها مؤسسة قريبة لكل من العمل والإعلام ، وهي مؤسسة تعتمد على المنافسة بين البشر على المستوى الوطني أو العالمي والإستاد هو مكان هذه المنافسة.لويس مامفورد الفيلسوف الإنجليزي يقول : لم تعد الرياضة في المجتمع الميكني الحديث مجرد تمارين خالية من أي مكافأة غير الترفيه، لقد أصبحت عمل مقابل جزاء مادي، حيث تصرف المليارات على الإستادات والتجهيزات الرياضية والرياضيين . المنافسة الرياضية أصبحت تجارة تؤثر على الأنشطة الأخرى مثل الاكتشافات العلمية أو الجغرافية. نقد الأنشطة الرياضية أصبح ضرورياً اليوم، فالرياضة التي كانت تعني النزاهة واللعب النظيف والتقرب للآخرين وشغل فراغ الشباب، أصبحت مجالاً لتحقيق المكاسب المادية أو السياسية من خلال استغلال جمهرة الناس والتشويق والحماس، والمنافسة التي يولدها العرض الرياضي بين جمهور المتفرجين.الإستاد هو وسيلة تعبر عن المدينة، فلايمكن فهم الإستاد دون المدينة التي يقع فيها. لقد أصبح الإستاد جزء مهم من المدينة، فلقد أصبح لكل مدن العالم إستادات خاصة بها ، فهو آداة للتواصل بين السكان ، فإستاد الكوليزيوم في روما مثلاً يعبر عن مدينة روماً، وبالرغم من أنه لايستقبل المنافسات إلا أنه أصبح معلماً تاريخياً ومزاراً للسواح .مع التطور العالمي لبعض الألعاب الرياضية بما في ذلك لعبة كرة القدم (وذلك منذ نهاية القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين الميلادي)، أصبحت للمدن إستادات بهدف تحقيق رغبة المشجعين لهذه الرياضات، ومن خلال رغبة الإدارات المحلية تحقيق خدمات نوعية وكمية لتطوير النشاط الترفيهي للسكان. يمثل الإستاد المعاصر في حد ذاته مدينة من خلال هيكله ورمزيته وتأثيراته على محيطه.و يأخذ الإستاد الهيكل المناطقي للمدينة بأحيائها الفقيرة والغنية والتنافس فيما بينهما من خلال تقسيمه للمدرجات (المنصة، الدرجة الأولى، الدرجة الثالثة، المدرجات أعلى الإستاد … إلخ) .هناك محاولة للمهندس المعماري جريجوتي(1989م) لتطوير علاقة الإستاد بالمدينة (جنوة ـ إيطاليا) ودمج الإستاد في المدينة حيث تم تحويل الأدوار السفلية منه إلى أروقة منفتحة على المدينة ، وتحتوي هذه الأروقة على محلات وخدمات للحي الذي يقع فيه
0 التعليقات: